إليكم تلخيص لما كنا ننوي طرحه في برنامج "إقتصاد السوق" الإذاعي و لكن لضيق الوقت قمنا بالإسهاب في الطرح و التركيز على حوار جمهور المتصلين مباشرة بالبرنامج .
من أول التحديات التي تعوق قطاع المؤسسات الصغيرة و المتوسطة بتأثير مباشر يتجلى في عدم وضوح التعريف لهذا القطاع في السوق المحلي أو بالأحرى عدم الإتفاق على التعريف و تعميمه من قبل الجهات المختصة. الأمر الذي يحد من تظافر الجهود لوضع إستراتيجية متكاملة لدعم جميع شرائح القطاع من مؤسسات.
بالنسبة إلى تعريف المشاريع الصغيرة والمتوسطة، فمن المعروف بأن لايوجد تعريف عام بهذا الخصوص ومتفق عليه ما بين الدول، فالتعريف يختلف من دولة لأخرى آخذين بعين الإعتبار مختلف المتغيرات الكمية والنوعية
أما في حالة تمييز المؤسسات الصغيرة من ضمن المشاريع الصغيرة والمتوسطة، فإن المشروع الصغير يحتاج أن تتوفر فيه خصائص لتمييزه عن المشروع المتوسط منها أن يكون عدد العاملين أقل من 250 عاملاً، وأن لا تقل المبيعات السنوية عن 7 مليون يورو، وأن لا يقل إجمالي الميزانية العمومية عن 5 مليون يورو، بالإضافة أيضاً إلى تحقيق مبدأ الإستقلالية، فالشركات يمكن إعتبارها من المشاريع الصغيرة والمتوسطة إذا كانت 25% من الأسهم على الأقل غير مملوكة لشركة من غير المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
و في الولايات المتحدة، فإن هنالك منظمة خاصة بإدارة الأعمال الصغيرة، والتي تتعامل بكل ما له علاقة بالسياسات المرتبطة بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة، أما تعريفهم الخاص بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة فيقوم وفقاً للنظام التصنيفي الخاص بصناعات أمريكا الشمالية، وهنالك أربعة خصائص يتم بها تعريف المنشآت الصغيرة، ثلاثة من هذه المعايير عامة ومبنية على قواعد كمية، بينما المعيار الرابع نوعي ويرتبط بالصناعة ذاتها، وبشكل عام فإن المشاريع الصغيرة والمتوسطة يجب أن يقل عدد العاملين فيها عن 500، والإيرادات السنوية لا تتجاوز 28.5 مليون دولار أمريكي، إلا أن هذه المعايير تختلف تبعاً لإختلاف الصناعة.
أما بخصوص التعريفات الخاصة بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة في أستراليا، فهي متعددة وتستخدم في السياق الذي جاءت فيه، لكن التعريف الأكثر إنتشاراً يرتبط في أن لا تتجاوز الإيرادات السنوية 10 مليون دولار أسترالي وأن يكون عدد العاملين أقل من 50.
في اليابان فإن هنالك خصائص مختلفة للمشروع الصغير والمتوسط، وتتمثل في عدد العاملين فالمشروع الصغير يعمل به أقل من 50 فرد أما المشروع المتوسط من 51- 99، بينما في الولايات المتحدة فإن المشروع يصنف صغيراَ إذا عمل به أقل من 25 فرد، في حين أن مصر تصنفه بالمشروع الصغير إن عمل فيه أقل من 50 فرداَ، وفي الأردن يعتبر المشروع صغيراَ إذا عمل فيه أقل من 20 عامل.
قد يشكل إختلاف التعريفات هذه كما سيتم الإشارة إليها في أكثر من مرة تحدياً رئيسياً للبنوك والمؤسسات المالية الراغبة في وضع سياسات تمويلية خاصة بهذه الشريحة الإقتصادية الأكثر أهمية على صعيد عالمي، خصوصاً إذا ما إرتبط ذلك أيضاً ببداية تطبيق معايير إتفاق بازل 2 الخاص بمتطلبات رأس المال وبنية مختلف المحافظ الإئتمانية في جميع المؤسسات التمويلية ذات الصلة.
وبالعودة إلى المشروع الصغير والمتوسط، فإن من أهم خصائصه قلة عدد العاملين، والقيمة المنخفضة للأصول الثابتة، بالإضافة إلى معدلات إستثمار محدودة، وكذلك محدودية التقنية المستخدمة، أما الأهداف المرغوب بتحقيقها تتميز في تحقيق الربحية في أسرع وقت مع الحفاظ على معدلات ربحية معقولة على المدي الطويل لمواجهة المنافسة، وتوفير فرص العمل الذاتية وللعائلة الممتدة، مع إيلاء أهمية خاصة لعامل البقاء في السوق والتوسع التريجي مع مرور الوقت
أما مساهمات المشروعات الصغيرة والمتوسطة فيمكن تلخيصها بزيادة فرص العمل وإنتاجية العامل من خلال تدريبه وبالتالي تطوير فنون الإنتاج، وكذلك التناسب ما بين رأس المال المستثمر مع القوة العاملة. فحسب آخر الإحصائيات التي عرضت على هامش منتدى الإقتصاد العالمي بالاردن بنوفمبر 2011 ، أنه على دول شرق المتوسط و شمال أفريقيا خلق 75 مليون وظيفة مع بداية عام 2020 للتعامل مع الطفرة المتوقعة في الموارد البشرية نظراً للنسبة العالية التي يشكلها الشباب ما دون سن ال 21 عام من ديموغرافية هذه المنطقة.
لقد بات جلياً الآن ضرورة إنشاء هيئة مستقلة أو ما شابهها(كتلك التي بالولايات المتحدة الأمريكية) تختص بوضع و تنفيذ و متابعة و تقييم إستراتيجية وطنية لتنمية المؤسسات الصغيرة و المتوسطة بالسلطنة. سأتطرق في الحلقات القادمة لأهم التحديات التي تواجه هذه المؤسسات بالسلطنة و من ثم أعرج على مفهوم و طبيعة المناخ المطلوب لنمو هذا القطاع و مواقع الخلل المتواجدة في السوق المحلي و التي تحد من إستدامة هذه المؤسسات رغم تواجد بعض مقومات المناخ الملائم. وأخيراً سيتم عرض مقترحات و توصيات للتغلب على هذه التحديات و خلق بيئة متوازنة تضمن إستدامة نمو القطاع و توفير فرص عمل حقيقية من قبل تفعيل جذري لمفهوم ريادة الأعمال الإستثمارية.
الانطربنور = رائد الأعمـــال
تحياتي
. شريفة بنت مسلم البرعمي
خبيرة دراسات تجارية و إستشارية إدارة أعمال ومدربة معتمدة لبرامج تدريب ريادة الأعمال
Recent Comments