إعداد: كل من/ د.عبدالله البلوشي و أ.شريفة البرعمية وأ.أحمد كشوب
يقف التشغيل على رأس التحديات التنموية للأقطار العربية قاطبة، كونها تعاني معدلات بطالة من بين الأعلى على المستوى العالمي، فمشكلة التشغيل والبطالة في الدول العربية بلغت حداً يجعل منها محور التنمية ليصبح دعم التشغيل وتخفيض نسبة البطالة الهدف الأسمى لكل جهد تنموي ومجال تعاون عربي لان المشكلة تمس الجميع دون استثناء. ويزداد التحدي الذي يواجه الدول العربية مع إرتفاع معدلات البطالة و دخول اعداد اكبر من الشباب الى سوق العمل بأن هناك حاجة لخلق ما يقارب 75 مليون وظيفة جديدة مع حلول عام 2020. (1 حسب تقرير منتدى الإقصاد العالمي 2011)
ويمكن لارتفاع البطالة بشكل مستمر أن يعيق النمو الاقتصادي والتنمية العادلة المستدامة وأن يساهم في حدوث نزاعات واضطرابات اجتماعية. حسب إحصاءات منظمة العمل الدولية (تقرير نوفمبر 2011)، فإن عدد الباحثين عن عمل من مخرجات التعليم بالسلطنة لا يقل عن 30000 خريج سنوياً.
تقوم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بدور رئيسي في توفير فرص العمل، إلى جانب مساهمتها بنصيب كبير في إجمالي القيمة المضافة وقيامها بتوفير السلع والخدمات بأسعار في متناول اليد لشريحة ضخمة من ذوى الدخل المحدود، كما أنها قادرة على تدعيم التجديد والابتكار وإجراء التجارب التي تعتبر أساسية للتغيير الهيكلي من خلال ظهور مجموعة من رواد الأعمال ذوي الكفاءة والطموح والنشاط.
تمثل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أهم ركائز اقتصاديات الدول الكبرى والدول الناميه على حد سواء، ومع ضرورة تطوير مصادر رديفه للدخل القومي بالسلطنة للمنتجات النفطيه وبروز قطاعات أخرى كالقطاع الصناعي والسياحي كأحد أهم القطاعات المحليه المرشحة بقوة للقيام بهذا الدور لما يمثله من قيمة اقتصادية وانتاجية مضافة، وما يمكن ان يتيحه من فرص عمل امام الآلاف من الباحثين عن عمل ورواد الأعمال، ناهيك عن قدرته على تشغيل العديد من القطاعات الاقتصادية الاخرى المساندة له، بالإضافة إلى السعي الحثيث لاستغلال مقومات السلطنه من حيث الموقع الجغرافي والمؤسسات الأنمائيه والبنى التحتيه وفي في ضوء ذلك تبرز بقوة اهمية مثل هذه المؤسسات نظرا للفوائد الاقتصادية والاجتماعية التي يمكن ان تجنيها السلطنه جراء تطويرها لقطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
من هذا المنطلق ومن خلال البرنامج الأذاعي "رؤية إقتصادية" التي ناقشت على مدى ثلاثة اسابيع واقع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في السلطنه ومستقبلها في المدى المنظور والدور الذي يجب أن تلعبه في التنميه المستدامه، فقد أرتأينا أن نقدم ملخص لما تم مناقشته من خلال البرنامج وأخذ آراء الخبراء والمهتمين ورواد الأعمال بدور هذه المؤسسات بالأضافه الى شبكات التواصل الأجتماعي.
أهمية تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة
تتمثل أهمية تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة فيما يلي:
تحقيق توازن هيكل النشاط الإنتاجي : يعاني هيكل النشاط الإنتاجي في السلطنة من خلل في جسم الاقتصاد الوطني بسبب غياب قاعدة قوية يستند عليها من مشروعات صغيرة ومتوسطة .وحيث يتمثل الهيكل الصناعي في عدد من الصناعات أو المؤسسات المتوسطة الخاصة المحدودة التنوع، وإن كانت كثيرة العدد نسبيا، فتبقى القاعدة من المؤسسات الصغيرة والتي بإمكانها إحداث التنويع والترويج للأنشطة الكبرى أو المتوسطة محدودة، إذ تسيطر المؤسسات الحرفية والصغيرة جدا، على معظم القطاع الخاص.
تنويع وتوسيع تشكيلة المنتجات وخدمات الإنتاج في الهيكل الاقتصادي.
العمل كصناعات داعمة للأنشطة الكبيرة والمتوسطة.
توفير فرص العمل الحقيقية المنتجة ومكافحة مشكلة البطالة: تتميز المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بقدرتها العالية على توفير فرص العمل. ونضيف هنا، أن تكلفة فرصة العمل المتولدة في المؤسسات الصغيرة منخفضة جدا بما يناسب الدول النامية فضلا عن قدرتها العالية في استيعاب وتوظيف العمالة نصف الماهرة أو حتى غير الماهرة.
استثمار وتعظيم المدخرات المحلية: إن تحرير الاقتصاد والعولمة وتحرير قوى العرض والطلب تمهيدا لمشاركة القطاع الخاص ورؤوس للأموال في التنمية المحلية لا يمكن أن تستمر وتنمو إلا من خلال منح الفرص للأفراد والمجتمع لإحداث تراكم رأسمالي لتطوير المجتمع والأفراد ولنقل الأفراد من شريحة أقل دخلا على شريحة أعلى دخلا. والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة هي الأقدرعلى إحداث هذا التراكم الرأسمالي والحراك الاجتماعي المنشود.
استخدام المواد الأولية المحلية :لقد تبرهن أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تعيش وتنمو باستعمال مواد أولية محلية فقط، دون الحاجة إلى اللجوء إلى مواد وخامات متطورة مكلفة .إذ أن هذه المؤسسات تتميز بمهارتها باستخدام الخامات والمنتجات المحلية بما يعود بالفائدة على الاقتصاد الوطني.
المساهمة في تحقيق سياسة إحلال الواردات: إن التخطيط لتنمية قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لإنتاج ما يتطلبه السوق المحلي لهو من الأهداف الوطنية الأساسية التي تساهم في إحلال الواردات وقد تتمكن من تنمية الصادرات إذا تحقق لها المنافسة الدولية.
تنمية نشاط إعادة التصدير : لقد برهنت بعض الدول أن نشاط إعادة التصدير التي اعتمدت عليه لتحقيق نهضتها الصناعية لعب دورا كبيرا وناجعا في هذا المضمار. فقد استغلت هذه الدول خدماتها المحلية كمستلزمات للتصنيع ومن ثم للتصدير.
نشر القيم الصناعية الإيجابية: برهنت الدراسات والمسوحات أن قدرة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة - وخصوصا الصناعية منها - على الانتشار والتوسع الجغرافي تساهم في تعميق ونشر القيم أو المبادئ الصناعية الإيجابية التي تتمثل بالمفاهيم التالية: إدارة الوقت، الجودة، الإنتاجية، الكفاءة، الفاعلية، تقسيم العمل، المبادرة والابتكار.
المساهمة في تحقيق إستراتيجية التنمية الحضرية أو المكانية: تضع دول عديدة خطط للتنمية المكانية أو الحضرية وذلك بهدف توزيع السكان على أكبر مساحة ممكنة وتخفيف الضغط على بعض الأماكن المأهولة والمدن الكبيرة. ولتحقيق هذا، يتوجب تأمين الشروط التالية: فرص عمل جديدة، سلع وخدمات وأماكن للسكن. ومن الواضح أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وخصوصا الصناعية منها تمثل آلية ضرورية لهذه الأنشطة وتساهم في تأسيس واستمرارية هذه الأماكن العمرانية.
ما هي الصعوبات والتحديات التي تواجهها المؤسسات الصغيره والمتوسطه في السلطنه ؟
عدم توازن و تكامل المناخ المحفز لنمو المؤسسات الصغيرة و المتوسطة من حيث غياب أو نقص في المقومات لهذا القطاع يعتبر من أكبر التحديات التي تواجه نمو القطاع في السلطنة، نذكر بإيجاز بعض التحديات في ما يلي:
• تحديات تسويقية :
- ضعف الكفاءة التسويقية بسبب انخفاض الإمكانيات المالية لهذه المشاريع
- عدم توفر معلومات عن السوق المحلي والخارجي وأذواق المستهلكين
- عدم وجود منافذ تسويقية منتظمة لتعريف المستهلك المحلي والخارجي بمنتجات وخدمات هذه المشاريع
- ضيق نطاق السوق المحلي
- عدم اتباع الأسلوب العلمي الحديث في مجال التسويق ونقص الكفاءات التسويقية وعدم الاهتمام بإجراء البحوث التسويقية خاصة في مجال دراسة الأسواق وأساليب النقل والتوزيع والتعبئة والتغليف وأذواق المستهلكين.... الخ. الأمر الذي يحد من قدرة هذه المؤسسات على تسويق منتجاتها
- عدم توفر الحوافز الكافية للمنتجات المحلية مما يؤدي إلى منافسة المنتجات المستوردة لمثيلاتها من المنتجات المحلية
- ارتفاع تكاليف النقل وتأخر العملاء في تسديد قيمة المبيعات وعدم دعم المنتج الوطني بالدرجة الكافية
- قيام بعض المؤسسات الأجنبية باتباع سياسات إغراقية لتوفير منتجاتها للأسواق المحلية بأسعار تقل عن أسعار المنتج المحلي، مما يؤدي إلى ضعف الموقف التنافسي للمؤسسات الوطنية العاملة في هذه الصناعات
• تحديات إدارية:
- عدم اتباع الأساليب الحديثة في الإدارة حيث يسود في إدارة هذه المشاريع نمط المدير المالك الذي يجمع عادة بين وظائف الإدارة والتمويل والتسويق
- عدم وجود التخصص الوظيفي بالمعنى المعروف في مجال ترتيب الوظائف والمحاسبة والاقتصاد وغيرها، وعدم وجود تنظيم إداري واضح المعالم لسير العمل في المشروع.
- تعاني معظم المشاريع الصغيرة والمتوسطة من عدم معرفتها بقواعد وأساليب التعامل مع الجهات الإدارية الرسمية في الدولة كالسجلات التجارية والصناعية مما يؤدي إلى طول الوقت اللازم لإنجاز معاملاتها
- نقص المعلومات والإحصاءات المتاحة لدى هذه المشاريع خاصة فيما يتعلق بالمؤسسات المنافسة وشروط ومواصفات السلع المنتجة وأنظمة ولوائح العمل والتأمينات الاجتماعية وغير ذلك من البيانات والإحصاءات اللازمة لتسيير أعمالها على الوجه المستهدف
• تحديات فنيه:
- تعتمد هذه المشاريع على قدرات وخبرات أصحابها في العمل بصفة رئيسية
- تلجأ عادة إلى استخدام أجهزة ومعدات قد تكون بدائية أو أقل تطورا عن تلك المستخدمة في المؤسسات الكبيرة
- لا تتبع أساليب الصيانة أو الأساليب الإنتاجية المتطورة التي تساعدها على تحسين جودة منتجاتها بما يتماشى مع المواصفات العالمية في الأسواق الدولية
- كما أن اختيار المواد الخام ومستلزمات الإنتاج اللازمة لأعمال هذه المؤسسات قد لا يخضع لمعايير فنية وهندسية مدروسة،
- ولكنها تعتمد في أغلب الأحوال على خبرة أصحاب هذه المؤسسات التي قد تكون محدودة في بعض المجالات، الأمر الذي قد يؤدي إلى عدم تحقيق هذه المؤسسات لأهدافها في بعض الأحيان
• تحديات تنظيميه وتشريعيه:
- تعدد الجهات التي تتعامل معها المؤسسات مما يعد هدرا للوقت , الجهد والمال
- التحيز لصالح المؤسسات الكبيره والمتمثلة بأنظمة الحوافز والتسهيلات والدعم.
Recent Comments